أنثوني أبيا يحاضر عن أفكار الكونية

أنثوني أبيا يحاضر عن أفكار الكونية

ألقى كوامي أنثوني أبيا، أستاذ الفلسفة في جامعة برينستو، بتاريخ 23 يناير أولى محاضرات مركز الدراسات الدولية والإقليمية ضمن سلسلة الحوارات الشهرية لعام 2012، بعنوان: “مواطن في العالم اليوم”. تركزت محاضرة أبيا على مسألة المواطنة العالمية، وكيف أثرت النظريات الفكرية التاريخية بخصوص “الكونية” على حياة الناس في العالم المعاصر. أشار أبيا إلى أن أصل كلمة “عالمي” مشتق من كلمة “كوزموس kosmos” اليونانية والتي تعني “العالم” و”بوليتس polites” التي تعني “المواطن”، أي أن كلمة “الكونية” تعني حرفياً “مواطن من العالم”. اصطحب أبيا الجمهور بعد ذلك في رحلة إلى اليونان القديمة، شارحاً أن الفهم الحالي للكونية ما هو إلا موروث من الفلسفة السياسية اليونانية القديمة.

روى أبيا أن ديوجين، الفيلسوف ومؤسس مذهب التهكم، كان أول أوروبي سعى للنظر إلى ما وراء حدود الإمبراطورية اليونانية القديمة مدعياً أنه مواطن من العالم. وأوضح أبيا أن مقولة ديوجين تلك كانت استعارة تدل على تقبل الآخر ولا تعني بالضرورة أن ديوجين قد فضل وجود حكومة عالمية واحدة، وهو ما كان يسعى إليه الاسكندر الأكبر في ذلك الوقت عبر مشروعه لغزو العالم والهيمنة عليه. يمكن للناس الاعتقاد أنهم زملاء في المواطنة، ويمكنهم الاهتمام بمصير إخوانهم في الإنسانية حتى وإن لم ينتموا إلى نفس المجتمع السياسي. يقول أبيا: “تعتقد الكونية أن كل إنسان مهم، وأن لدينا التزاماً مشتركاً تجاه بعضنا”.

أدخلت فكرة ديوجين عن الكونية إلى التقاليد الفلسفية الغربية عبر الرواقيين، وتمكنت من النجاة حتى وقتنا الحاضر من خلال التقاليد المسيحية والإسلامية التي تؤكد على التقارب الروحي بين جميع البشر. بشكل مماثل، استند الأساس الفكري للتنوير الأوروبي على فكرة الاهتمام العالمي بالإنسانية، دون الدعوة إلى حكومة عالمية مركزية. مع صعود أيديولوجية وستفاليا، تم تعزيز فكرة الدولة القومية من خلال الانتماءات الثقافية واللغوية الشائعة بين الناس في منطقة جغرافية واحدة. وعلى الرغم من قوة الدعوات للوحدة الوطنية والتجانس، أشار أبيا إلى أنها لم تكن تشمل الجميع، وأن البشر سوف يظلون يعيشون ضمن مجموعات متنوعة في بلد واحد. يقول أبيا: “يحق للمجتمعات المختلفة أن تحيا وفقاً لمعايير مختلفة، وذلك لأنه يمكن للبشر الازدهار في أنواع مختلفة من المجتمعات ولأن ثمة الكثير من القيم التي تستحق الحياة من خلالها”.

لأن التنوع الثقافي هو أحد شروط العالم، يؤكد أبيا على “أهمية النقاشات المتعلقة بالهويات والأديان والأجناس والأعراق والقوميات، فمن خلال النقاش تتعلم من الآخرين المختلفين الذين قد لا تتفق أفكارهم مع أفكارك”. على هذا النحو، أكدت فكرة العولمة اليوم أهمية الفكرة القديمة عن الكونية، يمكن للفرد أن يصل إلى ملايين الأشخاص الآخرين عالمياً من خلال تكنولوجيا الاتصالات ووسائل الإعلام العالمية والنظم الاقتصادية.

أوضح أبيا في فكرة ختامية أن الكونية هي مفهوم تمكيني وهي تشكل أساس الاحترام المتبادل للنفس وللآخرين. وخلص إلى: “إن تمكن الناس من إدارة حياتهم المسؤولين عنها، فهم بحاجة إلى القوة للقيام بذلك. وكلما كانت القوة في متناول اليد أكثر كلما كانت المجتمعات أصغر وكلما زادت قدرتهم على التحكم بشكل حياتهم”.

انضم كوامي أنثوني أبيا إلى جامعة برنستون عام 2002 كأستاذ للفلسفة في جامعة لورانس س. روكفلر وفي المركز الجامعي للقيم الإنسانية. تتراوح اهتماماته الحالية بين التاريخ الفكري الأفريقي والأفريقي – الأمريكي والدراسات الأدبية والأخلاق وفلسفة العقل واللغة. وكان أبيا قد عمل في تدريس الديانات الأفريقية التقليدية. تلقى الأستاذ أبيا تعليمه في كلية كلير، بجامعة كامبريدج في إنجلترا حيث حاز إجازة جامعية ودرجة الدكتوراه من قسم الفلسفة.

 المقال بقلم: سوزي ميرغاني، مدير ومحرر المطبوعات في مركز الدراسات الدولية والإقليمية.